top of page

أن يُسمع صوتك هو فعل بقاء: هكذا حدثتنا بيل هوكس

 تحدثنا بيل هوكس في كتابها  "Talking Back" (الرد أو الرد بجرأة) عن الكلام كفعل مُقاومة بالنسبة للفئات المُهمشة. ففي السياقات العنصرية أو الأبوية أو الطبقية، يُتوقع من النساء، خاصة النساء السود، أن يلتزمن الصمت، وأن لا "يرددن الكلام" أو "يتكلمن دون إذن"، سواء في الطفولة أو في البلوغ، في البيت أو المدرسة أو المجتمع.


بيل هوكس

هوكس تعيد تعريف "الرد" أو "الحديث الجريء" بوصفه عملاً تحرريًا. الحديث هنا ليس فقط تحديًا للسلطة الأبوية، بل هو أيضًا فعل من أفعال إثبات الذات، وكسر الصمت المفروض على النساء، وتحديدًا النساء السوداوات.

يتكوّن الكتاب من مجموعة مقالات وتأملات شخصية، تمتد عبر موضوعات متعددة، نذكر من أبرزها:

1. الكتابة كفعل سياسي:

هوكس تؤمن أن الكتابة ليست نشاطًا شخصيًا أو ترفيهيًا، بل أداة للمقاومة. وفي هذا الكتاب، تكتب عن معاناتها كامرأة سوداء نشأت في مجتمع يُسكت الأصوات النسائية، وخاصة إذا كانت هذه الأصوات ناقدة أو غاضبة أو حرة. تتحدث عن كيف تم تهميش كتابات النساء السود، وعن تجربتها الشخصية في التكوين الأكاديمي، حيث كانت تُنظر إليها بازدراء أحيانًا لمجرد أنها تنتمي إلى خلفية فقيرة وسوداء.

2. النقد الداخلي للحركة النسوية البيضاء:

هوكس لا تكتفي بانتقاد النظام الأبوي أو العنصري، بل تمارس نقدًا من الداخل، للحركة النسوية التي، رغم نضالها، تجاهلت قضايا النساء السود والفقيرات. توضح كيف أن النسوية البيضاء في أمريكا كانت (وما زالت أحيانًا) تخاطب النساء من الطبقات الوسطى والبيضاء، متجاهلة التجربة المركّبة للنساء السوداوات اللاتي يعانين في تقاطع بين العنصرية والتمييز الجندري.

3. البيت والمدرسة كأماكن للضبط: 

تعود هوكس إلى طفولتها، وتحلل كيف تم تعليمها أن تكون مطيعة وصامتة، وتربت على الطاعة واحترام الكبار بطريقة تلغي صوتها. البيت، والمدرسة، والكنيسة كلها أماكن تمرر خطاب الطاعة، لكنها أيضًا أماكن يمكن فيها زرع بذور المقاومة.

4. اللغة، والسلطة، والتعبير:

تركز هوكس كثيرًا على اللغة بوصفها أداة للسيطرة والتحرر في آنٍ معًا. وتكتب عن اللغة السوداء المحكية (Black Vernacular) كوسيلة للبقاء، ولإنتاج معرفة بديلة، وأحيانًا كشكل من أشكال الفن والمقاومة.

"Talking Back" هو أكثر من مجرد كتاب؛ إنه بيان شخصي-سياسي عن أهمية أن يكون للمرأة السوداء صوت، وأن يُسمع صوتها، في عالم مصمم لإسكاتها. بيل هوكس تنقلنا في هذا العمل من الطفولة إلى النضال الفكري، ومن

الألم إلى الوعي، وتمنحنا أدوات لفهم كيف يمكن للحديث أن يكون ثورة.


 "Coming to Voice" — الخروج إلى الصوت

كتاب لبيل هوكس

يُعد هذا القسم من أكثر الأجزاء شهرة وتأثيرًا في الكتاب، حيث تروي هوكس تجربتها الشخصية كامرأة سوداء نشأت في الجنوب الأمريكي، وتصف كيف كان الصمت مفروضًا عليها في الطفولة، وكيف كانت فكرة "الرد" أو "الحديث الحر" مرتبطة دائمًا بالعصيان أو قلّة الأدب. تقول:

"تعلّمتُ أن الحديث كان فعل مقاومة، وإيماءة سياسية، وتمردًا."

في هذا الجزء، تحلّل هوكس كيف أن اللغة ليست محايدة، بل محمّلة بالسلطة، وكيف أن المرأة السوداء عندما "تتكلم"، فإنها تهدّد التراتب السائد — سواء داخل العائلة أو المجتمع أو حتى داخل الحركات السياسية التي تُقصي صوتها. وهُنا لا تحكي هوكس عن نفسها وحسب بل عن صوت كل امرأة شعرت أنها غير مسموح لها بالتعبير عن رأيها، أو أنها يجب أن تصمت كي لا تُزعج أحدًا، أو أن كلامها سيُقلّل من شأنها. هوكس تجعل من الكلمة الأولى التي نجرؤ على قولها — حتى لو كانت "لا" أو "لماذا؟" — لحظة تحوّل عميقة.



Comentários


bottom of page