top of page

من حول الحياة الى مَشاهد ومن حولنا الى مُتفرجين؟

  • صورة الكاتب: Siin land
    Siin land
  • 3 أكتوبر 2024
  • 2 دقائق قراءة

تستيقظ سين مفزوعة، تنظر الى الساعة لتكتشف أنها تأخرت عن دوامها، تبدأ بارتداء ملابسها على عجل، يرن هاتفها فتبدأ بملاحقة صوته باحثة عنه في غرف بيتها الصغيرة، يزيد ارتباكها عندما تجده وترى اسم المديرة " سارة ". تعرف سين أنها في مواجهة مصيبة وشيكة، تَرُد دون أن تعطي مجال للمديرة للتحدث" صباح الخير.. اسفة ع التأخير 5 دقائق وبكون في المكتب" فترد سارة " ليس هناك داعي، لقد بدأنا الاجتماع الذي كان من المفترض ان تعرضيه ووضعتينا في موقف محرج! وهذه ليست المرة الأولى. اعتذر سين ولكن لا اريد العمل معك مجددًا.. كوني بخير". تبقى سين متجمدة مكانها في حالة من الذهول وتفكر " هل خسرت عملي للتو"؟ لا تعرف كيف يجب ان تتصرف، ولكن رغم الصدمة والحزن يكون هناك فرحة خفية داخلها او ربما شعور بالحرية والخفة فهي لم تُحب عملها هذا في يوم من الأيام، ولكن كيف تواجه المستقبل؟ وكأن الحياة ينقصها المزيد من الضبابية! وكأن سين ينقصها المزيد من الفراغ!

سين

تجلس سين على الأريكة وتنظر نحو الشُباك، تُراقب الناس المُنشغلة في الذهاب الى أعمالهم، وتسمع صوت جرس يرن في المدرسة المحاذية لبيتها، تشعر بأن ثمة ما هو ممتع في مراقبة الاَخرين من علو، انه سلوك مقترن بالألوهية،، فرؤية المشاهد من فوق يمنحنا الشعور بالسيطرة او ربما التعالي! نعم. تتعالى سين الان على إنشغالات الناس الصغيرة ورغباتهم الآنية في " الانتاج" تفكر انهم مساكين يعتقدون انهم ينتجون وهم يقدمون أنفسهم قربانًا لعجلة الرأسمالية، تلك العجلة التي لا تتوقف مهما حدث في الحياة! فالرأسمالية تسبقنا دائمًا في خطوة كما يقول صادق. تضحك سين لأن صادق كان يقول أيضا " الفلسفة حظ المساكين " وكانت تقول له قصدك الحُب واليوم على ما يبدو انها وصلت لصيغة نهائية للجملة " على ما يبدو ان الفلسفة حظ العاطلين عن العمل". وتفكر على الاقل هؤلاء الناس يشغلون المشهد بينما أنا أراقبه، انهم يخوضون الحياة في تلك اللحظة بينما انا أشاهدها! ترفع سين رأسها للسماء قائلة : يا الله عشت عمري بدور المراقب والمتفرج، لطالما كنت أقيم الحياة ولا أعيشها. أريد أن أعيش، بمعنى أن أشتبك مع الحياة وأخوضها، لا أريد ان اكون خلف الشبابيك بل في الشوارع والحقول والمسارح والمكتبات.


من حول الحياة الى مَشاهد ومن حولنا الى مُتفرجين؟ هل هو التعرض الى صدمات كبيرة ؟ اذ يطور الانسان في هذه الحالة قدرة رهيبة على الانفصال عن الواقع، ويبدأ لا شعوريًا بالتعامل مع حياته على أنها ليست له؟تنزع الصدمات هذه الخصوصية والحميمية التي نراكمها مع أيامنا وتحولها لشيء لا يَخصنا، بل مادة للمشاهدة لا أكثر وكأنها حياة شخص اَخر لا نعرفه، هذه حيلة دفاعية تحمينا من الجُنون وتساعدنا على التحمل، وهكذا نعيش مغتربين عن ذواتنا وما يحدث معنا.. وأحيانًا أخرى نختار دور المتفرجين على نحوٍ واعٍ عندما لا نريد ان نتحمل مسؤولية الفعل، عندما نخاف من الحراك! نعتبر ان ما يحدث مشهد ونبدأ بادانته مرارًا وتكرارًا دون ان ان نحاول تغييره..


وبينما تغرق سين في أفكارها، فجأة تتنبه انها حاليًا غير مرتبطة بعملٍ وأنه بامكانها ان تُسافر لفترة! تقفز فرحًا بمجرد التفكير في الموضوع وتبدأ في البحث عن وجهتها الموعودة..

Comments


bottom of page