top of page

الصداع كَعَرض سياسي

  • صورة الكاتب: Siin land
    Siin land
  • 30 نوفمبر 2024
  • 2 دقيقة قراءة

هل فكرتَ يومًا بأن صُداعك عرضًا سياسيًا؟ أو أن ألم المعدة خاصتك، ذلك الذي ُيرافقك ليلًا مُتعلق بطريقةٍ ما باللعبة السياسية العالمية والتحالفات وعلاقات القوة؟ قد يبدو الأمر مُضحكًا ولكن يا عزيزي تذكر أن أقسى الحقائق في العالم مُضحكة.


اليوم، بعد ما أعياني الصداع، ذهبت الى احدى عيادات المدينة، استقبلني الطبيب قائلًا: مالك، شو بوجعك؟ وصفت له الألم، سألني عن تاريخه فقلت انه متقطع ولكنه بدأ منذ حوالي سنة. يُقرر الطبيب ان يُجري اختبارًا بسيطًا ليتأكد اذا كان صُداعي نوعًا من أنواع الشقيقة. يُحضر وعاءً معدنيًا فيه أوكسجين مُركز موصول بجهاز التنفس ويطلب مني أن أضع الجهاز لمدة ربع ساعة. أنظر الى الوعاء فأرى أن نجمة داوود الحمراء مرسومة عليه،أفكر انني حاليًا أتنفس أوكسجين مُرَكَز بالأسرلة وأضحك.


يحضر في رأسي فيلم " صداع" للمخرج رائد أنضوني، الذي ربط من خلاله الصُداع بالواقع الفلسطيني والاستعمار. فبعد ان تأكد رائد ان الألم الذي في رأسه ليس عضوي المنشأ، يقرر زيارة مُعالج نفسي والبحث في الأسباب النفسية لهذا الألم وتكون سيرورة العلاج النفسي مليئة بالمواضيع السياسية يبدأ المُعالج بمساعدة رائد على نبش ذاكرته، علمًا ان الماضي عنصر أساسي في عملية التشخيص والعلاج، وسرعان ما يجد نفسه يسترجع ذكريات الأسر والانتفاضتين، هو الرجل الذي فقد الحماسة والأدرينالين وجاء يبحث عن كينونته وقضيته الشخصية بمعزل عن حقيقة كونه فلسطيني مُستَعمَر، يجد ذكرياته في أحداث فارقة ومهمة للكل الفلسطيني، شيء ما يُعيد انتاج استحالة الانفلات من هذا الكل ويحطم وهم الفرادة لنُدرك أن الصُداع هو حالة سياسية جَمعية أكثر من كونه ألم فردي.

فيلم صداع

هُنا تحديدًا أدرك ان الصداع تزامن مع بداية الحَرب، أشعر اني عثرت على الحقيقة. كأرخميدس عندما اكتشف على حين غرة، بينما كان مُسترخيًا بالبانيو قانون حجم الماء المُزاح وصرخ " يوريكا" أي وجدتها. فاذا كان هُناك ما يُسمى بالسايكوماتك أي أمراض جسمية ولكن لا يوجد لها أي تفسير عضوي أو خلل وظيفي في الجسم بل انها أمراض تأتي من القلق والتوتر وغيرها من المشاكل النفسية، فاذًا بالضرورة أن اَلامنا الجسدية مرتبطة بالحالة السياسية، فهل هناك أكثر ما هو من هذا الظرف السياسي ليُراكم القلق فينا؟


مضت عشر دقائق وبقيت خمسة، نظرتُ نحو النافذة الى هذه المدينة المُتناقضة، بل الى هذه القرية المُتنكرة بزي المدينة، تتسع شوارعها الرئيسية بمقدار ما تضيق عقول أهلها، أنظر الى محلات الملابس الاسرائيلية على حواف الطريق، تبيع الفساتين " والشورتات" التي غالبًا لن نستطع ارتداءها!. وعلى امتداد الشارع دوار يُسمى دُوار الشُهداء، مكتوب عليه أسماء الشهداء الذين ارتقوا جراء هبة أكتوبر وأعود لأنظر الى الوعاء المعدني ونجمة داوود الحمراء وأضحك!، أشعر بتحسن ملحوظ وأقول اذا كان صداعي كصداع رائد أنضوني، يلعب الاحتلال دورًا في تشكيله فالأجدر ان أغني هنا والاًن : أروح لمين وأقول يا مين ينصفني منك ما هو انت جرحي وانت الدوا وكله منك .وأضحك هذه المرة كثيرًا ..

تعليقات


bottom of page