قصة الألم والأمل في يناير!
- Siin land
 - 1 يناير
 - 2 دقيقة قراءة
 
هذا الصباح لاحظت أنني ولأسباب مختلفة، أجد نفسي أمشي وحيدة في المدينة في أول يوم من كل سنة، أتأملُ الشوارع وأحدق في عيون المارة والاحق شمس يناير المترددة الخجولة. هذا ليس طقسًا مقصودًا لكنه يحدث بدقة منذ خمس سنوات. ويتكرر بحذافيره كما لو كان ديجافو، ولسببٍ ما غامض أشعرُ كل مرة بحُفرة كبيرة قادرة أن تبتلع عيون المارة والسيارات ليتحولوا الى مجرد ديكور مُواتي لحالتي المزاجية الغَريبة، جسدي ثقيل وروحي مُنهكة، أما قلبي فيردد رائعة درويش " أنا المُعافى الاَن سيد فرصتي في الحُب لا أنسى ولا أتذكر الماضي" وكأنني نجوتُ لتوي من معركة طاحنة، ناجية مُتعَبة. فما الذي يُشير الى النجاة أكثر من الألَم؟ تَخيلوا ان يكون شخصًا ناجيًا من الحربِ مثلًا دون أن تظهر ملامح التعب. تَخيلوا مقاتلًا نجى من الموتِ بجَسدٍ كاملٍ سَليم. لن يَجعلنا نُفكر في ماهية النجاة وما ينطوي عليه من ألم. اذًا الألم يمكن ان يكون اشارة لكُل ما هو جَميل، ألم المخاض والولادة، وألم الادراك المعرفة، وألم التطهير، وألم السردية، اذ نقدم قلوبنا التي قربانًا للحِكمة، ونودي بها الى التَجرُبة عَلَنا نَخرُجُ بسردية! فالانسانُ منا لا يستطع العيش دون قِصة والقصةُ لا تكتملُ عناصرُها الا بالألم. وأنا هُنا أقصدُ الألم المُقاتِل وليس الألم القاتل على حد تعبير حسين مروة، فالألم الذي يُخلف ورائه العَجز والخُمول والموت البطيء يَختلف كُليًا عن الألم بوصفه وقود الروح وضرورة النُبُوَة. هل هُناك نبيٌ لم يَتألم أو يَحزن؟ والا فما معنى قصة المسيح وما معنى قصة الحسن والحسين؟. قد أبدع نزار قباني في هذا الصَددِ حين قال " ان الانسانَ بلا حُزنٍ ذكرى انسان".

كُل هذه المشاعر يُؤججها شهر يناير، وهذا ليس شعرًا مقصودًا ولكنني أحب هذا الشهر فعلًا وأشعُر فِعلًا بأنه يُلوح ببداية جديدة، كما وعدنا فؤاد نجم " كل ما تهل البشايرمن يناير كل عام، يدخل النور الزنازين يطرد الخوف والظلام"
على ما يبدو أنني هكذا افهم البدايات، فهي ليست لحظات سعيدة ومُشرقة بقدر ما هي حالةٌ من الإنهاك يرافقها سعيُ محمومٌ الى الشمس والنور.فلا يُمكن ان يكون هناك بداية خالصة، فالسنة الجديدة لا تجعلنا نبدأ العد من الصفر، ولكنها محاكاة لبداية تُواسينا قائلة بأن القلب المكسور دليل على أننا عشنا وجربنا وأحببنا.



تعليقات