سريلانكا|الجمال المحض

تُشبه سريلانكا امرأة جميلة دون مكياج، جمال لا تشوبه شائبة، جمال محض دون أي مجهود أو تدخل بشري وكأنها نزلت لتوها من السماء الى الأرض.

عندما تصل العاصمة كولومبو سيكون من السهل أن تلتقط التناقض الموجود، فانك سترى عمارات وناطحات سحاب وسترى أيضا حياة بسيطة وأسواق شعبية، ولعل هذا التناقض هو أكثر شيء منطقي في الحياة كما عَلَمتنا الماركسية، ففي كُل مرة ترى مظاهر الثراء اعلم ان هناك بالمقابل مساحات فقيرة وأشخاص شبه مُعدمين.

بعد يومين في كولومبو والتنقل بالتُكتُك من مكانٍ الى اَخر والتعرف على المعابد والمعالم والمطاعم الشهية، كانت الوِجهة الى جنوب سريلانكا بالأخص الى مدينة أهانجاما الساحلية في منطقة جالي، ارتدنا القطار ورغم أن طَريقه أطول الا أنها أجمل لأن سِكة الحديد تقع على امتداد المُحيط الذي لا يفارق عيونك طوال الطريق، وكأنه يمشي معك، يُشبه الأمر أسطورتنا الطفولية بأن القمر يَمشي معنا. كما تستطيع أن ترى الغابات والأشجار والطبيعة العذراء.

أما في أهانجاما فأول ما خَطَر على بالي كان نظرية العلاقة بين طبيعة الأشخاص والمَكان الذي يعيشون فيه، فأبناء السُهول يتسمون بالسهولة، ودودين ولا يَكفُوا عن الابتسام ولا ينفكوا عن حُب الحياة كأهل أهانجاما الذين لا يُمكن الا أن يبتسموا في وجهك اذا ما وقعت عينك على أحد منهم. كيف لا؟ فهُم لا بُد انهم استدخلوا هذا الجمال الذي يرونه كُل صباح ومساء، بالاضافة لأن هذه المدينة لا يوجد فيها عمارات شاهقة ولا يوجد فيها مراكز تسوق مما يُوقف السلوكيات الاستهلاكية للانسان الحَديث ويُقربه من الطبيعة الأم. بصراحة لم أحب العالم كما أحببته وأنا في هذه المدينة وهُنا يكمُن السحر، فأخيرًا لا أحلم بمكان اَخر أو لحظة أخرى لأنني أعيشها هُنا والاَن. لأن سِحر المدينة يكمن في شعورك بأنك باللحظة المُناسبة والمكان المُناسب.

قد مرت شُهور طويلة قبل زيارتي لسريلانكا وأنا أردد جُملة رياض الصالح حسين: أيتها البلاد المصفحة بالقمر و الرغبة و الأشجار،أما آن لكِ أن تجيئي؟. وقد جاءت أخيرًا